سورة الانشقاق - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الانشقاق)


        


{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)}
{إِذَا السماء انشقت} أي بالغمام كما روى عن ابن عباس وذهب إليه الفراء والزجاج كما في البحر ويشهد له قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السماءبالغمام} [الفرقان: 25] فالقرآن يفسر بعضه بعضًا وقيل تنشق لهول يوم القيامة لقوله تعالى: {وانشقت السماء فَهِىَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} [الحاقة: 16] وبحث فيه بأنه لا ينافي أن يكون الانشقاق بالغمام وأخرج ابن أبي حاتم عن علي كرم الله تعالى وجهه أنها تنشق من المجرة وفي الآثار أنها باب السماء وأهل الهيئة يقولون إنها نجوم صغار متقاربة جدًا غير متميزة في الحسن ويظهر ذلك ظهورًا بينًا لمن نظر إليها بالارصاد ولا منافاة على ما قيل من أن المراد بكونها باب السماء أن مهبط الملائكة عليهم السلام ومصعدهم من جهتها وذلك بجامع كونها نجومًا صغارًا متقاربة غير متميزة في الحسن وخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل معاذًا إلى أهل اليمن فقال له يا معاذ إنهم سائلوك عن المجرة فقل هي لعاب حية تحت العرش ومنه قيل إنها في البحر المكفوف تحت السماء لا يكاد يصح والقول المذكور لا ينبغي أن يحكي إلا لينبه على حاله وقرأ عبيد بن عقيل عن أبي عمرو وانشقت وكذا مابعد من نظائره بإشمام التاء كسرًا في الوقف وحكى عنه أيضًا الكسر أبو عبيد الله بن خالويه وذلك لغة طيء على ما قيل وعن أبي حاتم سمعت أعرابيًا فصيحًا في بلاد قيس يكسر هذه لتاء أي تاء التأنيث اللاحقة للفعل وهي لغة ولعل ذلك لأن الفواصل قد تجري مجرى القوافي فكما أن هذه التاء تكسر في القوافي كما في قول كثير عزة من قصيدة:
وما أنا بالداعي لعزة بالردي *** ولا شامت إن قيل عزة ذلت
إلى غير ذلك من أبيات تلك القصيدة تكسر في الفواصل وإجراء الفواصل في الوقف مجرى القوافي مهيع معروف كقوله تعالى: {الظنونا} و{الرسولا} في سورة الأحزاب وحمل الوصل على حالة الوقف موجود أيضًا في الفواصل.


{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2)}
{وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا} أي استمعت له تعالى يقال أذن إذا سمع قال الشاعر:
صم إذا سمعوا خيرًا ذكرت به *** وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا
وقال قعنب:
إن يأذنوا ريبة طاروا بها فرحا *** وما هم أذنوا من صالح دفنوا
والاستماع هنا مجاز عن الانقياد والطاعة أي انقادت لتأثير قدرته عز وجل حين تعلقت إرادته سبحانه بانشقاقه انقياد المؤمور المطواع إذا ورد عليه أمر الآمر المطاع والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إليها للإشعار بعلة الحكم وهذه الجملة ونظيرتها بعد قيل نزلة قوله تعالى: {أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] في الانباء عن كون ما نسب إلى السماء والأرض من الانشقاق والمد وغيرهما جاريًا على مقتضى الحكمة على ما قرروه {وَحُقَّتْ} أي جعلت حقيقة بالاستماع والانقياد لكن لا بعد إن لم تكن كذلك بل في نفسها وحد ذاتها من قولهم هو محقوق بكذا وحقيق به وحاصل المعنى انقادت لربها وهي حقيقة وجديرة بالانقياد لما أن القدرة الربانية لاي تعاصاها أمر من الأمور لا لأمر اختصت به من بين الممكنات وذكر بعضهم أن أصل الكلام حق الله تعالى عليها بذلك أي حكم عليها بتحتم الانقياد على معنى أراده سبحانه منها إرادة لا نقض لها وقيل المعنى وحق لها أن تنشق لشدة الهول والجملة على ما اختاره بعض الأجلة اعتراض مقرر لما قبلها وقيل معطوفة عليه وليس بذاك.


{وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3)}
{وَإِذَا الارض مُدَّتْ} قال الضحاك بسطت باندكاك جبالها وآكامها وتسويتها فصارت قاعًا صفصفا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا وقال بعضهم زيدت سعة وبسطة من مده عنى أمده أي زاده ونحوه ما قيل جرت فزاد انبساطها وعظمت سعتها وأخرج الحاكم بسند جيد عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم ثم لا يكون لابن آدم منها إلا موضع قدميه».

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8